للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينافي أنه كان عالمًا به قبل ذلك، وفائدة الاختبار ظهور الأمر للناس، أما عالِمُ السر والنجوى، فهو عالم بكل ما سيكون، كما لا يخفى. اهـ.

قال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة ما نصه: وهذا العلم هو العلم الذي يقع عليه به الجزاء؛ لأنه إنما يجازيهم بأعمالهم لا بعلمه القديم عليهم، فتأويله: حتى نعلم المجاهدين علم شهادة؛ لأنهم إذا أمروا بالعمل يشهد منهم ما عملوا، فالجزاء بالثواب والعقاب يقع على علم الشهادة، (ونبلو أخباركم) نختبرها ونظهرها. انتهى محل الغرض منه.

وقال أبو جعفر بن جرير الطبري في تفسير هذه الآية الكريمة ما نصه: (ولنبلونكم) أيها المؤمنين بالقتل وجهاد أعداء الله (حتى نعلم المجاهدين منكم) يقول: حتى يعلم حزبي وأوليائي أهل الجهاد في الله منكم، وأهل الصبر على قتال أعدائه، فيظهر ذلك لهم ويعرف ذوو البصائر منكم في دينه من ذوي الشك والحيرة فيه، وأهل الإِيمان من أهل النفاق (ونبلو أخباركم) فنعرف الصادق منكم من الكاذب. انتهى محل الغرض منه بلفظه.

وما ذكره من أن المراد بقوله: (حتى نعلم المجاهدين) الآية، حتى يعلم حزبنا وأولياؤنا المجاهدين منكم والصابرين؛ له وجه، وقد يرشد له قوله تعالى: {وَنَبْلُوَا أَخْبَارَكُمْ} أي نظهرها ونبرزها للناس، وقوله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}؛ لأن المراد بميز الخبيث من الطيب ظهور ذلك للناس، ولذا قال: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيبِ} فتعلموا ما ينطوي