للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب ضرب، إذا صرفه عنه وقلبه. فأصل الأفك بالفتح القلب والصرف عن الشيء. ومنه قيل لقرى قوم لوط: المؤتفكات؛ لأن الله أفكها أي قلبها؛ كما قال تعالى: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا}. ومنه قولي تعالى: {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (٩)} أي يصرف عنه من صرف، وقوله: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا} أي لتصرفنا عن عبادتها، وقول عمرو بن أذينة:

إن تك عن أحسن المروءة مأ ... فُوْكًا ففي آخرين قد أُفِكُوا

وأكثر استعمال هذه المادة في الكذب؛ لأنه صرف وقلب للأمر عن حقيقته بالكذب والافتراء؛ كما قال تعالى: {وَيلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) وقال تعالى: {وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٨)} إلى غير ذلك من الآيات.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {إِنَّمَا صَنَعُوا كَيدُ سَاحِرٍ} "ما" موصولة وهي اسم "إن"، و {كَيدُ} خبرها، والعائد إلى الموصول محذوف؛ على حد قوله في الخلاصة:

....................... ... والحذفُ عندهم كثيرٌ مُنْجلي

في عائدٍ متصلٍ إن انتصبْ ... بفعلٍ أو وصفٍ كمن نرجو يَهَبْ

والتقدير: إن الذي صنعوه كيد ساحر. وأما على قراءة من قرأ (كْيَدَ ساحر) بالنصب فـ {مَا} كافة و (كَيدَ) مفعول {صَنَعُوا} وليست سبعية، وعلى قراءة حمزة والكسائي "كيد سِحْر" بكسر السين وسكون الحاء، فالظاهر أن الإضافة بيانية؛ لأن الكيد المضاف إلى السحر هو المراد بالسحر. وقد بسطنا الكلام في نحو