واستدل بعضهم لهذا القول فيمن بعد إبراهيم من آبائه بقوله تعالى عن إبراهيم:{وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} وممن روي عنه هذا القول ابن عباس نقلا عنه القرطبي. وفي الآية قرينة تدل على عدم صحة هذا القول، وهي قوله تعالى قبله مقترنًا به {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨)} فإنه لم يقصد به أنه يقوم في أصلاب الآباء إجماعًا، وأول الآية مرتبط بآخرها، أي: الذي يراك حين تقوم إلى صلاتك، وحين تقوم من فراشك، ومجلسك ويرى تقلُّبك في السَّاجدين، أي: المصلين، على أظهر الأقوال؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - يتقلب في المصلين قائمًا، وساجدًا، وراكعًا. وقال بعضهم: الذي يراك حين تقوم، أي: إلى الصلاة وحدك، وتقلبك في الساجدين، أي: المصلين إذا صليت بالناس.
وقوله هنا: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨)} الآية. يدل على الاعتناء به - صلى الله عليه وسلم - ، ويوضح ذلك قوله تعالى:{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} الآية.
وقوله:(وتوكل) قرأه عامة السبعة غير نافع وابن عامر: وتوكل بالواو، وقرأه نافع وابن عامر فتوكل بالفاء، وبعض نسخ المصحف العثماني فيها الواو، وبعضها فيها الفاء.
وقوله هنا: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٢١٧)} قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الفاتحة في الكلام على قوله تعالى: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} وبسطنا إيضاحه بالآيات القرآنية مع بيان معنى التوكل في سورة إسرائيل في الكلام على قوله تعالى: {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (٢)}.