واعلم أن الله صرح بتحريم الربا بقوله:{وَحَرَّمَ الرِّبَا} وصرح بأن المتعامل بالربا محارب لله بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (٢٧٩)}. وصرح بأن آكل الربا لا يقوم، أي: من قبره يوم القيامة إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس بقوله: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا} والأحاديث في ذلك كثيرة جدا.
واعلم أن الربا منه ما أجمع المسلمون على منعه ولم يخالف فيه أحد، وذلك كربا الجاهلية، وهو أن يزيده في الأجل على أن يزيده الآخر في قدر الدين، وربا النساء بين الذهب والذهب، والفضة والفضة، وبين الذهب والفضة، وبين البر والبر، وبين الشعير والشعير، وبين التمر والتمر، وبين الملح والملح، وكذلك بين هذه الأربعة بعضها مع بعض. وكذلك حكى غير واحد الإجماع على تحريم ربا الفضل بين كل واحد من الستة المذكورة، فلا يجوز الفضل بين الذهب والذهب، ولا بين الفضة والفضة، ولا بين البر والبر، ولا بين الشعير والشعير، ولا بين التمر والتمر، ولا بين الملح والملح، ولو يدا بيد.
والحق -الذي لا شك فيه- منع ربا الفضل في النوع الواحد من الأصناف الستة المذكورة. فإن قيل: ثبت في الصحيح عن ابن عباس، عن أسامة بن زيد، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا ربا إلا في النسيئة" وثبت في الصحيح عن أبي المنهال أنه قال: