سألت البراء بن عازب، وزيد بن أرقم عن الصرف فقالا: كنا تاجرين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصرف، فقال:"ما كان منه يدا بيد فلا بأس وما كان منه نسيئة فلا" فالجواب من أوجه:
الأول: أن مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بجواز الفضل ومنع النسيئة فيما رواه عنه أسامة، والبراء، وزيد، إنما هو في جنسين مختلفين، بدليل الروايات الصحيحة المصرحة بأن ذلك هو محل جواز التفاضل، وأنه في الجنس الواحد ممنوع. واختار هذا الوجه البيهقي في السنن الكبرى، فإنه قال بعد أن ساق الحديث الذي ذكرنا آنفا عن البراء بن عازب، وزيد بن أرقم، ما نصه: رواه البخاري في الصحيح عن أبي عاصم، دون ذكر عامر بن مصعب، وأخرجه من حديث حجاج بن محمد، عن ابن جريج، مع ذكر عامر بن مصعب، وأخرجه مسلم بن الحجاج، عن محمد بن حاتم بن ميمون، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي المنهال، قال: باع شريك لي ورقا بنسيئة إلى الموسم، أو إلى الحج. فذكره، وبمعناه رواه البخاري عن علي بن المديني عن سفيان، وكذلك رواه أحمد، عن روح، عن سفيان، وروي عن الحميدي، عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن أبي المنهال، قال باع شريك لي بالكوفة دراهم بدراهم بينهما فضل عندي أن هذا خطأ. والصحيح ما رواه علي بن المديني، ومحمد بن حاتم، وهو المراد بما أطلق في رواية ابن جريج، فيكون الخبر واردًا في بيع الجنسين، أحدهما بالآخر، فقال: ما كان منه يدًا بيد فلا بأس وما كان منه نسيئة فلا، وهو المراد بحديث أسامة والله أعلم.