والذي يدل على ذلك أيضا ما أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد: أنا أبو سهل بن زياد القطان، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى البرتي، حدثنا أبو عمر، حدثنا شعبة، أخبرني حبيب بن أبي ثابت، قال: سمعت أبا المنهال قال: سألت البراء وزيد بن أرقم عن الصرف فكلاهما يقول: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الورق بالذهب دينا، رواه البخاري في الصحيح عن أبي عمر حفص بن عمر. وأخرجه مسلم من وجه آخر عن شعبة. اهـ. من البيهقي بلفظه وهو واضح جدا فيما ذكرنا من أن المراد بجواز الفضل المذكور كونه في جنسين، لا جنس واحد.
وفي تكملة المجموع -بعد أن ساق الكلام الذي ذكرنا عن البيهقي- ما نصه: ولا حجة لمتعلق فيهما، لأنه يمكن حمل ذلك على أحد أمرين، إما أن يكون المراد بيع دراهم بشيء ليس ربويا، ويكون الفساد لأجل التأجيل بالموسم، أو الحج، فإنه غير محرر، ولا سيما على ما كانت العرب تفعل.
والثاني: أن يحمل ذلك على اختلاف الجنس، ويدل له رواية أخرى عن أبي المنهال، قال: سألت البراء بن عازب، وزيد بن أرقم عن الصرف، فكلاهما يقول: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الذهب بالورق دينا. رواه البخاري ومسلم، وهذا لفظ البخاري، ومسلم بمعناه. وفي لفظ مسلم عن بيع الورق بالذهب دينا. فهو يبين أن المراد صرف الجنس بجنس آخر. وهذه الرواية ثابتة من حديث شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي المنهال. والروايات الثلاث الأول رواية الحميدي، واللتان في الصحيح، وكلها أسانيدها