وإنْ وَلا لامُ ابتداءٍ أو قسم ... كذا والاستفهامُ ذا له انحتَمْ
ومنها: ما ذكره الفخر الرازي وغيره، من أن الجملة بمجموعها متعلق العلم، ولذلك السبب لم يظهر عمل قوله:{لِنَعْلَمَ} في لفظة {أَيُّ} بل بقيت على ارتفاعها. ولا يخفى عدم اتجاه هذا القول كما ترى.
قال مقيده -عفا الله عنه وغفر له-: أظهر أوجه الأعاريب عندي في الآية: أن لفظة {أَيُّ} موصولة استفهامية. و {أَيُّ} مبنية لأنها مضافة، وصدر صلتها محذوف على حد قوله في الخلاصة:
أيٌّ كما وأُعربت ما لم تضف ... وصدرُ وصلها ضميرٌ انحذف
ولبنائها لم يظهر نصبها. وتقرير المعنى على هذا: لنعلم الحزب الذي هو أحصى لما لبثوا أمدًا ونميزه عن غيره. و {أَحْصَى} صيغة تفضيل كما قدمنا توجيهه. نعم، للمخالف أن يقول: إن صيغة التفضيل تقتضي بدلالة مطابقتها الاشتراك بين المفضل والمفضل عليه في أصل الفعل، وأحد الحزبين لم يشارك الآخر في أصل الإحصاء لجهله بالمدة من أصلها، وهذا مما يقوي قول من قال: إن {أَحْصَى} فعل، والعلم عند الله تعالى.
فإن قيل: أي فائدة مهمة في معرفة الناس للحزب المحصي أمد اللبث من غيره، حتى يكون علة غائية لقوله:{ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ .. } الآية؟ وأي فائدة مهمة في مساءلة بعضهم بعضًا، حتى يكون علة غائية لقوله:{وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ}؟
فالجواب: أنا لم نر من تعرض لهذا. والذي يظهر لنا والله