فلم أر مثل الحيِّ حيًا مصبحًا ... ولا مثلنا يوم التقينا فوارسا
أكرَّ وأحْمَى للحقيقة منهم ... وأضربَ مِنَّا بالسيوف القوانسا
بأن "القوانس" مفعول به لصيغة التفضيل التي هي "أضرب". قالوا: ولا حاجة لتقدير فعل محذوف. ومن هنا قال بعض النحويين: إن {مَنْ} في قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ} منصوب بصيغة التفضيل قبله نَصْب المفعول به.
قال مقيده -عفا الله عنه وغفر له-: ومذهب الكوفيين هذا أجرى عندي على المعنى المعقول؛ لأن صيغة التفضيل فيها معنى المصدر الكامن فيها فلا مانع من عملها عمله. ألا ترى أن قوله:"وأضربَ مِنَّا بالسيوف القوانسا" معناه: يزيد ضربنا بالسيوف القوانس على ضرب غيرنا، كما هو واضح. وعلى هذا الذي قررنا فلا مانع من كون {أَمَدًا (١٢)} منصوب بـ {أَحْصَى} نصب المفعول به على أنه صيغة تفضيل. وإن كان القائلون بأن {أَحْصَى} صيغة تفضيل أعربوا {أَمَدًا (١٢)} بأنه تمييز.
تنبيه
فإن قيل: ما وجه رفع {أَيُّ} من قوله: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى} الآية، مع أنه في محل نصب لأنه مفعول به؟ فالجواب: أن للعلماء في ذلك أجوبة، منها: أن {أَيُّ} فيها معنى الاستفهام، والاستفهام يعلق الفعل عن مفعوليه كما قال ابن مالك في الخلاصة عاطفًا على ما يعلق الفعل القلبي عن مفعوليه: