وقوله تعالى في هذه الآية: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (٢٧)} يدل على أن من ظن باللَّه ما لا يليق به جل وعلا، فله النار.
وقد بين تعالى في موضع آخر أن من ظن باللَّه ما لا يليق به أرداه وجعله من الخاسرين، وجعل النار مثواه. وذلك في قوله تعالى: {وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢٢) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} الآية.
وقولنا في أول هذا المبحث: الإِشارة في قوله: (ذلك) راجعة إلى المصدر الكامن في الفعل الصناعي، قد قدمنا إيضاحه في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، وبينا هناك أن الفعل نوعان: أحدهما الفعل الحقيقي، والثاني الفعل الصناعي، أما الفعل الحقيقي، فهو الحدث المتجدد، المعروف عند النحويين بالمصدر.
وأما الفعل الصناعي، فهو المعروف في صناعة علم النحو بالفعل الماضي، والفعل المضارع، وفعل الأمر على القول بأنه مستقل عن المضارع.
ومعلوم أن الفعل الصناعي ينحل عند النحويين عن مصدر وزمن، كما أشار له في الخلاصة بقوله:
المصدر اسم ما سوى الزمان من ... مدلولي الفعل كأمْنٍ من أَمِن
وعند جماعات من البلاغيين، أنه ينحل عن مصدر وزمن ونسبة، وهو الأقرب، كما حرره بعض علماء البلاغة في حظ الاستعارة التبعية، وبذلك تعلم أنه لا خلاف بينهم في أن المصدر والزمن كامنان في الفعل الصناعي، فيصح رجوع الإِشارة