للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر بعضهم في الآية وجهًا آخر، وهو أن المعنى: سبح ما في السماوات والأرض، أي أحدث التسبيح لأجل الله، أي ابتغاء وجهه تعالى. ذكره الزمخشري وأبو حيان.

وقيل: (سبح لله) أي صلى له. وقد قدمنا أن التسبيح يطلق على الصلاة.

وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن أهل السماوات والأرض يسبحون لله، أي ينزهونه عما لا يليق، بينه الله جل وعلا في آيات أخر من كتابه، كقوله تعالى في سورة الحشر: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) وقوله في الصف: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١)} أيضًا، وقوله في الجمعة: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) وقوله في التغابن: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ (١)}.

وزاد في سورة بني إسرائيل أن السماوات السبع والأرض يسبحن لله مع ما فيهما من الخلق، وأن تسبيح السماوات ونحوها من الجمادات يعلمه الله ونحن لا نفقهه أي لا نفهمه، وذلك في قوله تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}، وهذه الآية الكريمة تدل دلالة واضحة على أن تسبيح الجمادات المذكور فيها وفي قوله تعالى: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَال يُسَبِّحْنَ} ونحو ذلك، تسبيح حقيقي يعلمه الله ونحن لا نعلمه.

والآية الكريمة فيها الرد الصريح، على من زعم من أهل العلم أن تسبيح الجمادات هو دلالة إيجادها على قدرة خالقها؛ لأن دلالة