للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإيضاح مراد البيانيين بذلك هو أن من أنواع تقسيمهم لما يسمونه الاستعارة التي هي عندهم مجاز، علاقته المشابهة أنهم يقسمونها إلى استعارة أصلية، واستعارة تبعية، ومرادهم بالاستعارة الأصلية: الاستعارة في أسماء الأجناس الجامدة والمصادر، ومرادهم بالاستعارة التبعية قسمان:

أحدهما: الاستعارة في المشتقات كاسم الفاعل والفعل.

والثاني: الاستعارة في متعلق معنى الحرف، وهو المقصود بالبيان.

فمثال الاستعارة الأصلية عندهم: رأيت أسدًا على فرسه، ففي لفظة أسد في هذا المثال: استعارة أصلية تصريحية عندهم، فإنه أراد تشبيه الرجل الشجاع بالأسد؛ لعلاقة الشجاعة، فحذف المشبه الذي هو الرجل الشجاع، وصرح بالمشبه به الذي هو الأسد، على سبيل الاستعارة التصريحية، وصارت أصلية؛ لأن الأسد اسم جنس جامد.

ومثال الاستعارة التبعية في المشتق عندهم قولك: الحال ناطقة بكذا، فالمراد عندهم: تشبيه دلالة الحال بالنطق بجامع اللهم، والإدراك بسبب كل منهما، فحذف الدلالة التي هي المشبه، وصرح بالنطق الذي هو المشبه به على سبيل الاستعارة التصريحية، واشتق من النطق اسم الفاعل الذي هو ناطقة، فجرت الاستعارة التبعية في اسم الفاعل الذي هو ناطقة، وإنما قيل لها: تبعية؛ لأنها إنما جرت فيه تبعًا لجريانها في المصدر الذي هو النطق؛ لأن المشتق تابع للمشتق منه، ولا يمكن فهمه بدون فهمه، وهذا التوجيه أقرب من غيره مما يذكرونه من توجيه ما ذكر.