للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العرب تقول: أمير غير مأمور، أي: غير مؤمر. وقيل معناه: بعثنا مستكبريها. قال هارون: وهي قراءة أبي: بعثنا أكابر مجرميها ففسقوا فيها. ذكره الماوردي.

وحكى النحاس: وقال هارون في قراءة أبي: وإذا أردنا أن نهلك قرية بعثنا فيها أكابر مجرميها فمكروا فيها فحق عليها القول اهـ. محل الغرض من كلام القرطبي.

وقد علمت أن التحقيق الذي دل عليه القرآن أن معنى الآية: أمرنا مترفيها بالطاعة فعصوا أمرنا؛ فوجب عليهم الوعيد فأهلكناهم كما تقدم إيضاحه.

تنبيه

في هذه الآية الكريمة سؤال معروف، وهو أن يقال: إن الله أسند الفسق فيها لخصوص المترفين دون غيرهم في قوله: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا} مع أنه ذكر عموم الهلاك للجميع المترفين وغيرهم في قوله: {فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (١٦)} يعني القرية، ولم يستثن منها غير المترفين؟

والجواب من وجهين:

الأول: أن غير المترفين تبع لهم، وإنما خص بالذكر المترفين الذين هم سادتهم وكبراؤهم؛ لأن غيرهم تبع لهم، كما قال تعالى: {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (٦٧)} وكقوله: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} الآية، وقوله: {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ