للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كونه تعالى لو شاء لجعل الماء غير صالح للشراب، جاء معناه في آيات أخر، كقوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (٣٠) وقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (١٨)} لأن الذهاب بالماء، وجعله غورًا لم يصل إليه، وجعله أجاجًا، كل ذلك في المعنى سواء، بجامع عدم تأتي شرب الماء.

وهذه الآيات المذكورة تدل على شدة حاجة الخلق إلى خالقهم كما ترى.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ} يدل على أن جميع الماء الساكن في الأرض النابع من العيون والآبار ونحو ذلك، أن أصله كله نازل من المزن، وأن الله أسكنه في الأرض وخزنه فيها لخلقه.

وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية جاء موضحًا في آيات أخر، كقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ}، وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ}، وقد قدمنا هذا في سورة الحجر في الكلام على قوله تعالى: {فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَينَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (٢٢) وفي سورة سبأ في الكلام على قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} الآية.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (٧٠)} (فلولا) بمعنى هلَّا، وهي حرف تحضيض، وهو الطلب بحث وحض. والمعنى أنهم يطلب منهم شكر هذا المنعم العظيم بِحَثّ وحض.