كانت المرأة مستلقية، أو باركة، أو على جنب، أو غير ذلك، ويؤيد هذا ما رواه الشيخان وأبو داود والترمذي عن جابر رضي الله عنه قال: كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول، فنزلت:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}. فظهر من هذا أن جابرا رضي الله عنه يرى أن معنى الآية فأتوهن في القبل على أية حالة شئتم ولو كان من ورائها. والمقرر في علوم الحديث أن تفسير الصحابي الذي له تعلق بسبب النزول له حكم الرفع كما عقده صاحب طلعة الأنوار بقوله:
"تفسير صاحب له تعلق ... بالسبب الرفع له محقق"
وقد قال القرطبي في تفسير قوله تعالى:{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ما نصه: وما استدل به المخالف من أن قوله عز وجل: {أَنَّى شِئْتُمْ} شامل للمسالك بحكم عمومها، فلا حجة فيها، إذ هي مخصصة بما ذكرناه، وبأحاديث صحيحة، حسان شهيرة، رواها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اثنا عشر صحابيا، بمتون مختلفة، كلها متواردة على تحريم إتيان النساء من الأدبار، ذكرها أحمد بن حنبل في مسنده، وأبو داود، والنسائي، والترمذي، وغيرهم.
وقد جمعها أبو الفرج بن الجوزي بطرقها في جزء سماه تحريم المحل المكروه، ولشيخنا أبي العباس أيضا في ذلك جزء سماه "إظهار إدبار من أجاز الوطء في الأدبار" قلت: وهذا هو الحق المتبع، والصحيح في المسألة.
ولا ينبغي لمؤمن بالله واليوم الآخر أن يعرج في هذه النازلة على زلة عالم بعد أن تصح عنه، وقد حذرنا من زلة العالم. وقد