للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في القرآن إطلاقات متعددة: (منها) الوضع في النار، كقوله: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣)} أي يحرقون بها، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} الآية؛ أي أحرقوهم بنار الأخدود. (ومنها) الاختبار وهو الأغلب في استعمال الفتنة؛ كقوله: {أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} الآية، وقوله: {وَأَلَّو اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَينَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (١٦) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ}. (ومنها) نتيجة الاختبار إذا كانت سيئة. ومن هنا أطلقت الفتنة على الشرك، كقوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}، وقوله هنا: {فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ} الآية. (ومنها) الحجة، كقوله: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إلا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)} أي: لم تكن حجتهم.

وقوله تعالى في هذه الآية: {وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} أسند إضلالهم إليه؛ لأنه هو الذي تسبب فيه بصياغته لهم العجل من حلي القبط ورميه عليه التراب الذي مسه حافر الفرس التي جاء عليها جبريل، فجعله الله بسبب ذلك عجلًا جسدًا له خوار، كما قال تعالى في هذه السورة الكريمة: {فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (٨٧) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ}، وقال في "الأعراف": {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ} الآية. والخوار: صوت البقر. قال بعض العلماء: جعل الله بقدرته ذلك الحلي المصوغ جسدًا من لحم ودم، وهذا هو ظاهر قوله: {عِجْلًا جَسَدًا}. وقال بعض العلماء: لم تكن تلك الصورة لحمًا ولا دمًا، ولكن إذا دخلت فيها الريح صوتت كخوار العجل. والأول أقرب لظاهر الآية، والله تعالى قادر على أن يجعل الجماد لحمًا ودمًا، كما جعل آدم لحمًا ودمًا وكان طينًا.