وقوله:{خَيْرٌ}: صيغة تفضيل، حذفت همزتها لكثرة الاستعمال تخفيفًا، وإليه أشار ابن مالك في الكافية بقوله:
وغالبًا أغناهم خير شر ... عن قولهم: أخير منه وأشر
وإنما قيل لتلك الدار: الدار الآخرة؛ لأنها هي آخر المنازل، فلا انتقال عنها ألبتة إلى دار أخرى.
والإنسان قبل الوصول إليها ينتقل من محل إلى محل، فأول ابتدائه من التراب، ثم انتقل من أصل التراب إلى أصل النطفة، ثم إلى العلقة، ثم إلى المضغة، ثم إلى العظام، ثم كسا الله العظام لحمًا، وأنشأها خلقًا آخر، وأخرجه للعالم في هذه الدار، ثم ينتقل إلى القبر، ثم إلى المحشر، ثم يتفرقون:{يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا} فسالك ذات اليمين إلى الجنة، وسالك ذات الشمال إلى النار: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (١٦)} فإذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار: فعند ذلك