للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال هنا: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} وقال في آية البقرة: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (٢٣٩)}؛ لأن معناه فإذا أمنتم فأتموا كيفيتها بركوعها وسجودها وجميع ما يلزم فيها مما يتعذر وقت الخوف.

وعلى هذا التفسير الذي دل له القرآن فشرط الخوف في قوله: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} معتبر، أي: وإن لم تخافوا منهم أن يفتنوكم فلا تقصروا من كيفيتها، بل صلوها على أكمل الهيئات، كما صرح به في قوله: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} وصرح باشتراط الخوف أيضا لقصر كيفيتها بأن يصليها الماشي والراكب بقوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً}. ثم قال: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ} الآية. يعني فإذا أمنتم فأقيموا صلاتكم كما أمرتم بركوعها وسجودها، وقيامها وقعودها، على أكمل هيئة وأتمها، وخير ما يبين القرآن القرآن، ويدل على أن المراد بالقصر في هذه الآية القصر من كيفيتها كما ذكرنا، أن البخاري صدر باب صلاة الخوف بقوله: باب صلاة الخوف وقول الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً (١٠١)} وما ذكره ابن حجر وغيره من أن البخاري ساق الآيتين في الترجمة ليشير إلى خروج صلاة الخوف عن هيئة بقية الصلوات بالكتاب قولا، وبالسنة فعلا لا ينافي ما أشرنا إليه من أنه ساق الآيتين في الترجمة لينبه على أن قصر الكيفية الوارد في أحاديث الباب هو المراد بقصر الصلاة في قوله: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ويؤيده أيضا أن قصر عددها لا يشترط فيه الخوف، وقد كان - صلى الله عليه وسلم -