يقصر هو وأصحابه في السفر، وهم في غاية الأمن، كما وقع في حجة الوداع وغيرها، وكما قال - صلى الله عليه وسلم - لأهل مكة:"أتموا فإنا قوم سفر".
وممن قال بأن المراد بالقصر في هذه الآية قصر الكيفية، لا الكمية: مجاهد، والضحاك، والسدي، نقله عنهم ابن كثير. وهو قول أبي بكر الرازي الحنفي، ونقل ابن جرير نحوه عن ابن عمر، ولما نقل ابن كثير هذا القول عمن ذكرنا قال: واعتضدوا بما رواه الإمام مالك عن صالح بن كيسان عن عروة ابن الزبير عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت:"فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، في السفر والحضر، فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر" وقد روى هذا الحديث البخاري عن عبد الله بن يوسف التنيسي، ومسلم عن يحيى، وأبو داود عن القعنبي، والنسائي عن قتيبة، أربعتهم عن مالك به. قالوا:"فإذا كان أصل الصلاة في السفر اثنتين فكيف يكون المراد بالقصر هنا قصر الكمية؟ لأن ما هو الأصل لا يقال فيه: فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة".
وأصرح من ذلك دلالة على هذا ما رواه الإمام أحمد: حدثنا وكيع، وسفيان، وعبد الرحمن، عن زبيد اليامي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عمر رضي الله عنه قال:"صلاة السفر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر، على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم -".
وهكذا رواه النسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه من طرق عن زبيد اليامي به، وهذا إسناد على شرط مسلم، وقد حكم