أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر قبل أن يحلق، وأمر أصحابه بذلك اهـ. فدل فعله وأمره على أن ذلك هو اللازم للمحصر، ومن قدم الحلق على النحر فقد عكس ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن أخل بنسك فعليه دم.
قال مقيده - عفا الله عنه -: الذي تدل عليه نصوص السنة الصحيحة أن النحر مقدم على الحلق، ولكن من حلق قبل أن ينحر فلا حرج عليه من إثم ولا دم، فمن ذلك ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما عن عبد الله بن عمرو ابن العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أجاب من سأله بأنه ظن الحلق قبل النحر فنحر قبل أن يحلق (١)، بأن قال له: افعل ولا حرج. ومن ذلك ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما أيضا عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير، فقال: لا حرج.
وفي رواية للبخاري، وأبي داود، والنسائي وابن ماجه سأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح، قال: اذبح ولا حرج، وقال: رميت بعد ما أمسيت، فقال: افعل ولا حرج.
وفي رواية للبخاري قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: زرت قبل أن أرمي، قال: لا حرج. قال: حلقت قبل أن أذبح، قال: لا حرج، والأحاديث بمثل هذا كثيرة، وهي تدل دلالة لا لبس فيها على أن من حلق قبل أن ينحر لا شيء عليه من إثم ولا فدية؛ لأن قوله: لا حرج نكرة في سياق النفي، ركبت مع لا، فبنيت على الفتح، والنكرة إذا كانت كذلك فهي نص صريح في العموم، فالأحاديث إذن نص صريح في عموم النفي لجميع أنواع الحرج من إثم وفدية،