إدراكًا، وأرجحهم عقلًا، وأمثلهم طريقة هو من يقول: إنهم ما لبثوا إلا يومًا واحدًا، وذلك في قوله تعالى: {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (١٠٣) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا (١٠٤)} فالآية صريحة في اختلاف أقوالهم، وعلى ذلك فلا إشكال. والعلم عند الله تعالى.
وقوله تعالى: {فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (١١٣)} أي: الحاسبين الذين يضبطون مدة لبثنا. وقرأ ابن كثير، والكسائي بنقل حركة الهمزة إلى السين، وحذف الهمزة. والباقون:(فاسأل) بغير نقل. وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي:(قل كم لبثتم) بضم القاف وسكون اللام بصيغة الأمر. وقرأ الباقون:(قال كم لبثتم) بفتح القاف بعدها ألف وفتح اللام بصيغة الفعل الماضي.
وقال الزمخشري ما حاصله: أنه على قراءة (قال) بصيغة الماضي فالفاعل ضمير يعود إلى الله، أو إلى من أمر بسؤالهم من الملائكة، وعلى قراءة (قل) بصيغة الأمر، فالضمير راجع إلى الملك المأمور بسؤالهم، أو بعض رؤساء أهل النار. هكذا قال. واللَّه تعالى أعلم.
وقد صدقهم الله جل وعلا في قلة لبثهم في الدنيا بقوله: {قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١٤)} لأن مدة مكثهم في الدنيا قليلة جدًّا بالنسبة إلى طول مدتهم خالدين في النار، والعياذ باللَّه.
وقرأ حمزة والكسائي:(قل إن لبثتم إلا قليلًا) بصيغة الأمر، والباقون بصيغة الماضي.