القول الثاني: أنه يسهم للبرذون والهجن سهم واحد قدر نصف سهم الفرس.
واحتج أهل هذا القول بما رواه الشافعي في [الأم] وسعيد بن منصور من طريق علي بن الأقمر الوادعي، قال: أغارت الخيل فأدركت العرب، وتأخرت البراذين، فقام ابن المنذر الوادعي، فقال: لا أجعل ما أدرك كما لم يدرك، فبلغ ذلك عمر فقال: هبلت الوادعي أمه لقد أذكرت أمضوها على ما قال، فكان أول من أسهم للبراذين دون سهام العرب، وذلك يقول شاعرهم:
ومنا الذي قد سن في الخيل سنة ... وكانت سواء قبل ذاك سهامها
وهذا منقطع كما ترى.
واحتجوا أيضًا مما رواه أبو داود في المراسيل، وسعيد بن منصور عن مكحول:"أن النبي صلى الله عليه وسلم هجن الهجين يوم خيبر، وعرب العراب فجعل للعربي سهمين، وللهجين سهمًا" وهو منقطع أيضًا كما ترى، وبه أخذ الإمام أحمد في أشهر الروايات عنه.
واحتجوا أيضًا بأن أثر الخيل العراب في الحرب أفضل أثر البراذين، وذلك يقتضي تفضيلها في السهام.
القول الثالث: التفصيل بين ما يدرك من البراذين إدراك العراب، فيسهم له كسهامها، وبين ما لا يدرك إدراكها فلا يسهم له، وبه قال ابن أبي شيبة، وابن خيثمة، وأبو أيوب، والجوزجاني.
ووجهه أنها من الخيل، وقد عملت عملها فوجب جعلها منها.