والعقوبات المالية الراجعة إلى اجتهاد الأئمة، فإنه حرق وترك، وكذلك خلفاؤه من بعده، ونظير هذا قتل شارب الخمر في الثالثة أو الرابعة، فليس بحد، ولا منسوخ، وإنما هو تعزير يتعلق باجتهاد الإمام. اهـ.
وإنما قلنا: إن هذا القول أرجح عندنا؛ لأن الجمع واجب إذا أمكن، وهو مقدم على الترجيح بين الأدلة، كما علم في الأصول، والعلم عند الله تعالى.
أما لو سرق واحد من الغانمين من الغنيمة قبل القسم، أو وطىء جارية منها قبل القسم، فقال مالك وجل أصحابه: يحد حد الزنى والسرقة في ذلك؛ لأن تقرر الملك لا يكون بإحراز الغنيمة، بل بالقسم.
وذهب الجمهور -منهم الأئمة الثلاثة- إلى أنه لا يحد للزنى ولا للسرقة؛ لأن استحقاقه بعض الغنيمة شبهة تدرأ عنه الحد؛ وبعض من قال بهذا يقول: إن ولدت فالولد حر يلحق نسبه به، وهو قول أحمد، والشافعي، خلافًا لأبي حنيفة؛ وفرق بعض المالكية بين السرقة والزنى، فقال: لا يحد للزنى؛ ويقطع إن سرق أكثر من نصيبه بثلاثة دراهم.
وبهذا قال عبد الملك من المالكية، كما نقله عنه ابن المواز.
واختلف العلماء فيما إذا مات أحد المجاهدين قبل قسم الغنيمة، هل يورث عنه نصيبه؟ فقال مالك في أشهر الأقوال، والشافعي: إن حضر القتال ورث عنه نصيبه وإن مات قبل إحراز الغنيمة، وإن لم يحضر القتال فلا سهم له.