واحتجوا أيضًا بما رواه أبو داود، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، عن النبي اللَّهُ صلى الله عليه وسلم أنه جعل ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها. وفيه ابن لهيعة.
قال مقيده -عفا الله عنه-: أظهر الأقوال دليلًا عندي أن الخال يرث من لا وارث له، دون غيره من ذوي الأرحام، لثبوت ذلك فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بالحديثين المذكورين دون غيره؛ لأن الميراث لا يثبت إلا بدليل، وعموم الآيتين المذكورتين لا ينهض دليلًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :"إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه" كما تقدم.
فإذا علمت أقوال العلماء وحججهم في إرث ذوي الأرحام وعدمه، فاعلم أن القائلين بالتوريث اختلفوا في كيفيته: فذهب المعروفون منهم بأهل التنزيل إلى تنزيل كل واحد منهم منزلة من يدلي به من الورثة، فيجعل له نصيبه، فإن بعدوا نزلوا درجة درجة، إلى أن يصلوا من يدلون به، فيأخذون ميراثه، فإن كان واحدًا؛ أخذ المال كله، وإن كانوا جماعة، قسم المال بين من يدلون به، فما حصل لكل وارث جعل لمن يدلي به، فإن بقي من سهام المسألة شيء، رد عليهم على قدر سهامهم.
وهذا هو مذهب الإمام أحمد، وهو قول علقمة، ومسروق، والشعبي، والنخعي، وحماد، ونعيم، وشريك، وابن أبي ليلى، والثوري، وغيرهم: كما نقله عنهم ابن قدامة في [المغني].
وقال أيضًا: قد روي عن علي، وعبد الله -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما-