وروى الثوري، وغيره، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: ما أدى زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين، وما كان ظاهرًا لا تؤدى زكاته فهو كنز. وقد روي هذا عن ابن عباس، وجابر، وأبي هريرة موقوفًا ومرفوعًا.
وقال عمر بن الخطاب نحوه: أيما مال أديت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونًا في الأرض، وأيما مال لم تؤد زكاته فهو كنز يكوى به صاحبه وإن كان على وجه الأرض. اهـ.
وممن روي عنه هذا القول عكرمة، والسدي.
ولا شك أن هذا القول أصوب الأقوال؛ لأن من أدى الحق الواجب في المال الذي هو الزكاة لا يكوى بالباقي إذا أمسكه؛ لأن الزكاة تطهره كما قال تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} ولأن المواريث ما جعلت إلا في أموال تبقى بعد مالكيها.
ومن أصرح الأدلة في ذلك حديث طلحة بن عبيد الله وغيره في قصة الأعرابي أخي بن سعد، من هوازن، وهو ضمام بن ثعلبة لما أخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن الله فرض عليه الزكاة، وقال: هل على غيرها، فإن النبي قال له: لا، إلا أن تطوع. وقوله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} وقد قدمنا في "البقرة" تحقيق أنه ما زاد على الحاجة التي لا بد منها. وقوله:"ليس فيما دون الخمسة أوسق" الحديث؛ لأن صدقة نكرة في سياق النفي، فهي تعم نفي كل صدقة. وفي الآية أقوال آخر:
منها: أنها منسوخة بآيات الزكاة كقوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً