الأحاديث الواردة في التحريم إنما كانت في الزمن الذي كان فيه التحلي بالذهب محرمًا على النساء، والحلي المحرم تجب فيه الزكاة اتفاقًا.
وأما أدلة عدم الزكاة فيه فبعد أن صار التحلي بالذهب مباحًا.
والتحقيق: أن التحلي بالذهب كان في أول الأمر محرمًا على النساء ثم أبيح، كما يدل له ما ساقه البيهقي من أدلة تحريمه أولًا، وتحليله ثانيًا، وبهذا يحصل الجمع بين الأدلة، والجمع واجب إن أمكن كما تقرر في الأصول وعلوم الحديث، وإليه الإشارة بقول صاحب [مراقي السعود]:
والجمع واجب متى ما أمكنا ... إلا فللأخير نسخ بينا
ووجهه ظاهر، لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما، ومعلوم أن الجمع إذا أمكن أولى من جميع الترجيحات.
فإن قيل: هذا الجمع يقدح فيه حديث عائشة المتقدم، فإن فيه "فرأى في يدي فتخات من ورق" الحديث.
والورق: الفضة، والفضة لم يسبق لها تحريم، فالتحلي بها لم يمتنع يومًا ما.
فالجواب ما قاله الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى قال: من قال: لا زكاة في الحلي، زعم أن الأحاديث والآثار الواردة في وجوب زكاته كانت حين كان التحلي بالذهب حرامًا على النساء. فلما أبيح لهن سقطت زكاته.