للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول: أنه قد يضرب المثل بما لا يقع في الوجود؛ فإطلاق العبد الحبشي لأجل المبالغة في الأمر بالطاعة، وإن كان لا يتصور شرعا أن يلي ذلك. ذكر ابن حجر هذا الجواب عن الخطابي. ويشبه هذا الوجه قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (٨١)} على أحد التفسيرات.

الوجه الثاني: أن المراد باستعمال العبد الحبشي أن يكون مؤمرا من جهة الإمام الأعظم على بعض البلاد، وهو أظهرها، فليس هو الإمام الأعظم.

الوجه الثالث: أن يكون أطلق عليه اسم العبد، نظرا لاتصافه بذلك سابقا مع أنه وقت التولية حر، ونظيره إطلاق اليتم على البالغ باعتبار اتصافه به سابقا في قوله تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} الآية- وهذا كله فيما يكون بطريق الاختيار.

أما لو تغلب عبد حقيقة بالقوة فإن طاعته تجب، إخمادا للفتنة وصونا للدماء ما لم يأمر بمعصية كما تقدمت الإشارة إليه. والمراد بالزبيبة في هذا الحديث، واحدة الزبيب المأكول المعروف، الكائن من العنب إذا جف، والمقصود من التشبيه: التحقير وتقبيح الصورة، لأن السمع والطاعة إذا وجبا لمن كان كذلك دل ذلك على الوجوب على كل حال إلا في المعصية كما يأتي. ويشبه قوله - صلى الله عليه وسلم - "كأنه زبيبة" قول الشاعر يهجو شخصا أسود:

دنس الثياب كأن فروة رأسه ... غرست فأنبت جانباها فلفلا

الرابع: من شروطه أن يكون بالغا، فلا يجوز إمامة الصبي