للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوم عصيب أنَّه ظن أنهم ضيوف من بني آدم كما ظنه إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، وظن أن قومه ينتهكون حرمة ضيوفه فيفعلون بهم فاحشة اللواط؛ لأنهم إن علموا بقدوم ضيف فرحوا واستبشروا به ليفعلوا به الفاحشة المذكورة، فمن ذلك قوله هنا: {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (٧٨) قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (٧٩)}.

وقوله في الحجر: {وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (٦٧) قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ (٦٨) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ (٦٩) قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالمِينَ (٧٠) قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٧١) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢)}.

وقوله: {يُهْرَعُونَ} أي يسرعون ويهرولون من فرحهم بذلك، ومنه قول مهلهل:

فجاءوا يهرعون وهم أسارى ... تقودهم على رغم الأنوف

وقوله: {وَلَا تُخْزُونِ} أي لا تهينون ولا تذلون بانتهاك حرمة ضيفي، والاسم منه: الخزي -بكسر الخاء وإسكان الزاي-؛ ومنه قول حسان في عتبة بنُ أبي وقاص:

فأخزاك ربي يا عتيب بنُ مالك ... ولقاك قبل الموت إحدى الصواعق

وقال بعض العلماء: قوله: {وَلَا تُخْزُونِ} من الخزاية، وهي الخجل والاستحياء من الفضيحة؛ أي لا تفعلوا بضيفي ما يكون سببًا في خجلي واستحيائي، ومنه قول ذي الرمة يصف ثورًا وحشيًا