القدر المعتاد، والله جل وعلا يعلم ذلك كله، والآية تشمله كله.
تنبيه
أخذ بعض العلماء من هذه الآية الكريمة أن أقل أمد الحمل وأكثره، وأقل أمد الحيض وأكثره مأخوذ من طريق الاجتهاد؛ لأن الله استأثر بعلم ذلك لقوله:{اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ} الآية.
ولا يجوز أن يحكم في شيء من ذلك إلا بقدر ما أظهره الله لنا، ووجد ظاهرًا في النساء نادرًا أو معتادًا، وسنذكر إن شاء الله أقوال العلماء في أقل الحمل وأكثره، وأقل الحيض وأكثره، ونرجح ما يظهر رجحانه بالدليل.
فنقول وبالله تعالى نستعين: اعلم أن العلماء أجمعوا على أن أقل أمد الحمل ستة أشهر، وسيأتي بيان أن القرآن دل على ذلك؛ لأن قوله تعالى:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} إن ضممت إليه قوله تعالى: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} بقي عن مدة الفصال من الثلاثين شهرًا لمدة الحمل ستة أشهر، فدل ذلك على أنها أمد للحمل يولد فيه الجنين كاملًا، كما يأتي إيضاحه إن شاء الله تعالى.
وقد ولد عبد الملك بن مروان لستة أشهر، وهذه الأشهر الستة بالأهلة كسائر أشهر الشريعة؛ لقوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} الآية.
قال القرطبي: "ولذلك قد روي في المذهب عن بعض أصحاب مالك، وأظنه في كتاب ابن حارث أنه إن نقص عن الأشهر