عطف على نفسه، تنزيلا لتغاير الصفات منزلة تغاير الذوات، لأن ذلك الكتاب الذي هو التوراة موصوف بأمرين:
أحدهما: أنه مكتوب كتبه الله لنبيه موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.
والثاني: أنه فرقان، أي: فارق بين الحق والباطل، فعطف الفرقان على الكتاب، مع أنه هو نفسه نظرا لتغاير الصفتين. كقول الشاعر:
"إلى الملك القرم وابن الهمام ... وليث الكتيبة في المزدحم"
بل ربما عطفت العرب الشيء على نفسه مع اختلاف اللفظ فقط، فاكتفوا بالمغايرة في اللفظ. كقول الشاعر:
"إني لأعظم في صدر الكمي على ... ما كان في من التجدير والقصر"
والقصر: هو التجدير بعينه. وقول الآخر:
"وقددت الأديم لراهشيه ... وألفى قولها كذبا ومينا"
والمين: هو الكذب بعينه. وقول الآخر:
"ألا حبذا هند وأرض بها هند ... وهند أتى من دونها النأي والبعد"
والبعد: هو النأي بعينه. وقول عنترة في معلقته:
"حييت من طلل تقادم عهده ... أقوى وأقفر بعد أم الهيثم"
والإقفار: هو الإقواء بعينه. والدليل من القرآن على أن الفرقان هو ما أوتيه موسى قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute