القرآن يطلق اسم الشيطان على كل عات متمرد من الجن والإنس والدواب، ومنه قوله تعالى:{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ} الآية، وقوله:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً} ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الكلب الأسود شيطان" وقول جرير:
أيام يدعونني الشيطان من غزلي ... وكن يهوينني إذ كنت شيطانا
ولاشك أَنَّ أصحاب الأقمار الصناعية يدخلون في اسم الشياطين دخولًا أوليًا لعتوهم وتمردهم.
وإذا علمت ذلك فاعلم أنَّه تعالى صرح بحفظ السماء من كل شيطان كائنًا من كان في عدة آيات من كتابه، كقوله هنا: {وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (١٧)} وقوله: {وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢)} إلى غير ذلك من الآيات.
وصرح بأن من أراد استراق السمع أتبعه شهاب راصد له في مواضع أخر، كقوله: {فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (٩)} وقوله: {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (١٨)} وقوله: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (١٠)} وقال: {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} وقال: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٣٨)} وهو تعجيز دال على عجز البشر عن ذلك عجزًا مطلقًا، وقال: {أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ (١٠) جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ (١١)} فقوله في هذه الآية الكريمة: {فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ} أي: فليصعدوا في أسباب السموات التي توصل إليها، وصيغة الأمر في قوله:{فَلْيَرْتَقُوا} للتعجيز، وإيرادها للتعجيز