شيء البتة من مصلحة الدنيا ولا الآخرة، وإنَّما فيه فساد الدارين ونحن إذ نمنع التلاعب بكتاب الله وتفسيره بغير معناه نحض جميع المسلمين على بذل الوسع في تعليم ما ينفعهم من هذه العلوم الدنيوية مع تمسكهم بدينهم، كما قال تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} كما سترى بسطه إن شاء الله في سورة بني إسرائيل.
فإن قيل: هذه الآيات التي استدللتم بها على حفظ السماء من الشياطين واردة في حفظها من استراق السمع، وذلك إنما يكون من شياطين الجن، فدل ذلك على اختصاص الآيات المذكورة بشياطين الجن؟ .
فالجواب:
أن الآيات المذكورة تشمل بدلالتها اللغوية شياطين الإنس من الكفار. قال في لسان العرب: والشيطان معروف، وكل عاتٍ متمرد من الإنس، والجن، والدواب شيطان. وقال في القاموس: والشيطان معروف، وكل عاتٍ متمرد من إنس، أو جن، أو دابة اهـ.
ولاشك أن من أشد الكفار تمردًا وعتوًا الذين يحاولون بلوغ السماء، فدخولهم في اسم الشيطان لغة لاشك فيه. وإذا كان لفظ الشيطان يعم كل متمرد عاتٍ فقوله تعالى: {وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (١٧)} صريح في حفظ السماء من كل متمرد عات كائنًا من كان، وحمل نصوص الوحي على مدلولاتها اللغوية واجبٌ إلَّا لدليل يدل على تخصيصها، أو صرفها عن ظاهرها المتبادر منها،