تقدم في هود في قوله:{قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ} الآية، وقوله في العنكبوت:{وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ} الآية، وقوله: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (٨٣)} وقوله: {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٧٠)} إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغَابِرِينَ} الآية، وقوله: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (٥٧)} إلى غير ذلك من الآيات.
وما ذكر في هذه الآية الكريمة من استثناء امرأته من أهله الناجين في قوله: {إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (٦٠)} أوضحه في هذه الآيات التي ذكرناها آنفًا، ونحوها من الآيات، وبين في الذاريات أنه أنجى من كان في قوم لوط من المؤمنين، وأنهم لم يكن فيهم من المسلمين إلا بيت واحد، وهم آل لوط، وذلك في قوله: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.
تنبيه
في هذه الآية الكريمة دليلٌ واضح لما حققه علماء الأصول من جواز الاستثناء من الاستثناء؛ لأنه تعالى استثنى آل لوط من إهلاك المجرمين بقوله: {إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٩)} ثم استثنى من هذا الاستثناء امرأة لوط بقوله: {إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (٦٠)} وبهذا تعلم أن قول ابن مالك في الخلاصة: