فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم" وبعض هذه الروايات التي ذكرناها عن البخاري أخرجه مسلم أيضًا في صحيحه، فقد اتفقا على النهي عن دخول ديارهم إلا في حال البكاء، وعلى إسراعه - صلى الله عليه وسلم - حتى جاوز ديارهم.
وفي هذه الروايات الصحيحة النهي عن الدخول إلى مواضع الخسف والعذاب إلا في حالة البكاء، وفيها الإسراع بمجاوزتها وعدم الاستسقاء من مياهها، وعدم أكل الطعام الذي عجن بها، ومن هنا قال بعض العلماء: لا يجوز التطهر بمائها، ولا تصح الصلاة فيها؛ لأن ماءها لما لم يصلح للأكل وللشرب علم أنه غير صالح للطهارة التي هي تقرب إلى الله تعالى.
قال البخاري في صحيحه: "باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب" ويذكر أن عليًا رضي الله عنه كره الصلاة بخسف بابل.
وقال ابن حجر في الفتح: هذا الأثر رواه ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن أبي المحل -وهو بضم الميم وكسر المهملة وتشديد اللام- قال: "كنا مع علي فمررنا على الخسف الذي ببابل فلم يصل حتى أجازه، أي: تعداه" ومن طريق أخرى عن علي قال: "ما كنت لأصلي بأرض خسف الله بها ثلاث مرار".
والظاهر أن قوله ثلاث مرار ليس متعلقًا بالخسف؛ لأنه ليس فيها إلا خسف واحد، وإنما أراد أن عليًا قال ذلك ثلاثًا. ورواه أبو داود مرفوعًا من وجه آخر عن علي ولفظه: "نهاني حبيبي - صلى الله عليه وسلم - أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة" في إسناده ضعف، واللائق بتعليق المصنف ما تقدم والمراد بالخسف هنا ما ذكره الله تعالى في