وقوله:{بِحَمْدِ رَبِّكَ} أي: في حال كونك متلبسًا بحمد ربك، أي: بالثناء عليه بجميع ما هو أهله من صفات الكمال والجلال؛ لأن لفظة:{بِحَمْدِ رَبِّكَ} أضيفت إلى معرفة فتعم جميع المحامد من كل وصف كمال وجلال ثابت لله جل وعلا، فتستغرق الآية الكريمة الثناء بكل كمال؛ لأن الكمال يكون بأمرين:
أحدهما: التخلي عن الرذائل، والتنزه عما لا يليق، وهذا معنى التسبيح.
والثاني: التحلي بالفضائل والاتصاف بصفات الكمال، وهذا معنى الحمد؛ فتم الثناء بكل كمال. ولأجل هذا المعنى ثبت في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وِبحمده، سبحان الله العظيم" وكقوله في الثاني وهو السجود: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (١٩)} وقوله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا} وقوله: {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (٣٧)} ويكثر في القرآن العظيم إطلاق التسبيح على الصلاة.
وقالت جماعة من العلماء: المراد بقوله: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} أي: صل له، وعليه فقوله: {وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (٩٨)} من عطف الخاص على العام والصلاة، فتضمن غاية التنزيه ومنتهى التقديس. وعلى كل حال فالمراد بقوله: {وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (٩٨)} أي: من المصلين، سواء قلنا: إن المراد بالتسبيح الصلاة، أو أعم منها من تنزيه الله عما لا يليق به. ولأجل كون المراد بالسجود الصلاة لم يكن هذا الموضع محل سجدة عند جمهور العلماء خلافًا لمن زعم