للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (٦٠)} وقوله: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (١٤) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (١٥) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (١٦)} والآيات بمثل هذا كثيرة جدًا.

تنبيهان

الأول: اعلم أن النظر في هذه الآيات واجب، لما تقرر في الأصول "أن صيغة الأمر تقتضي الوجوب إلا لدليل يصرفها عن الوجوب" والله جل وعلا أمر الإنسان أن ينظر إلى طعامه الذي به حياته، ويفكر في الماء الذي هو سبب إنبات حبه، من أنزله! ؟ ثم بعد إنزال الماء وري الأرض من يقدر على شق الأرض عن النبات وإخراجه منها! ؟ ثم من يقدر على إخراج الحب من ذلك النبات! ؟ ثم من يقدر على تنميته حتى يصير صالحًا للأكل! ؟ {انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} الآية. وذلك في قوله تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (٣٠) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (٣٢)}.

وكذلك يجب على الإنسان النظر في الشيء الذي خلق منه، لقوله تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (٥)} وظاهر القرآن: أن النظر في ذلك واجب، ولا دليل يصرف عن ذلك.

التنبيه الثاني: اعلم أنه جل وعلا أشار في هذه الآيات من أول سورة "النحل" إلى براهين البعث الثلاثة التي قدمنا أن القرآن العظيم يكثر فيه الاستدلال بها على البعث.

الأول: خلق السموات والأرض المذكور في قوله: {خَلَقَ