للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقال: يفهم من التقييد بكونه طريًا أن اليابس كالقديد مما في البحر لا يجوز أكله، بل يجوز أكل القديد مما في البحر بإجماع العلماء.

وقد تقرر في الأصول: أن من موانع اعتبار مفهوم المخالفة كون النص مسوقًا للامتنان، فإنه إنما قيد بالطري لأنه أحسن من غيره، فالامتنان به أتم.

وقد أشار إلى هذا صاحب مراقي السعود بقوله عاطفًا على موانع اعتبار مفهوم المخالفة:

أو امتنان أو وفاق الواقع ... والجهل والتأكيد عند السامع

ومحل الشاهد قوله: "أو امتنان" وقد قدمنا هذا في "سورة المائدة".

المسألة الثانية: اعلم أن علماء المالكية قد أخذوا من هذه الآية الكريمة: أن لحوم ما في البحر كلها جنس واحد؛ فلا يجوز التفاضل بينها في البيع، ولا بيع طريها بيابسها، لأنها جنس واحد.

قالوا: لأن الله عبر عن جميعها بلفظ واحد، وهو قوله في هذه الآية الكريمة: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} وهو شامل لما في البحر كله.

ومن هنا جعل علماء المالكية للحوم أربعة أجناس لا خامس لها: الأول: لحم ما في البحر كله جنس واحد، لما ذكرنا.

الثاني: لحوم ذوات الأربع من الأنعام والوحوش كلها عندهم