للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى أعلم- أن الآية الكريمة وإن كانت أقوى سندًا وأخص في محل النزاع فإن الحديث أقوى دلالة على محل النزاع منها، وقوة الدلالة في نص صالح للاحتجاج على محل النزاع أرجح من قوة السند؛ لأن قوله: {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} يحتمل معناه احتمالًا قويًا: أن وجه الامتنان به أن نساءهم يتجملن لهم به، فيكون تلذذهم وتمتعهم بذلك الجمال والزينة الناشيء عن تلك الحلية من نعم الله عليهم، وإسناد اللباس إليهم لنفعهم به، وتلذذهم بلبس أزواجهم له، بخلاف الحديث فهو نص صريح غير محتمل في لعن من تشبه بالنساء، ولاشك أن المتحلي باللؤلؤ مثلًا متشبه بهن؛ فالحديث يتناوله بلاشك.

وقال ابن حجر في فتح الباري في الكلام على الحديث المذكور: واستدل به على أنه يحرم على الرجل لبس الثوب المكلل باللؤلؤ، وهو واضح، لورود علامات التحريم، وهو لعن من فعل ذلك. وأما قول الشافعي: "ولا أكره للرجل لبس اللؤلؤ إلا لأنه من زي النساء" فليس مخالفًا لذلك؛ لأن مراده أنه لم يرد في النهي عنه بخصوصه شيء.

المسألة الخامسة: لا يخفى أن الفضة والذهب يمنع الشرب في آنيتهما مطلقًا. ولا يخفى أَيضًا أنه يجوز لبس الذهب والحرير للنساء ويمنع للرجال. وهذا مما لا خلاف فيه، لكثرة النصوص الصحيحة المصرحة به عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإجماع المسلمين على ذلك، ومن شذ فهو محجوج بالنصوص الصريحة، وإجماع من يعتد به من المسلمين على ذلك. وسنذكر طرفًا قليلًا من