رضي الله تعالى عنه أن رجلًا أصاب من امرأة قبلة؛ فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له؛ فأنزلت عليه: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤)} قال الرجل: ألي هذه؟ قال:"لمن عمل بها من أمتي" اه لفظ البخاري في التفسير في "سورة هود" وفي رواية في الصحيح قال: "لجميع أمتي كلهم" اه.
فهذا الذي أصاب القبلة من المرأة نزلت في خصوصه آية عامة اللفظ، فقال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ألي هذه؟ ومعنى ذلك: هل النص خاص بي لأني سبب وروده؟ أو هو على عموم لفظه؟ وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - له:"لجميع أمتي" معناه أن العبرة بعموم لفظ: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} لا بخصوص السبب. والعلم عند الله تعالى.
وقوله جل وعلا في هذه الآية الكريمة:{وَتَرَى الْفُلْكَ} أي: السفن. وقد دل القرآن على أن {الْفُلْكَ} يطلق على الواحد وعلى الجمع، وأنه إن أطلق على الواحد ذكر، وإن أطلق على الجمع أنث، فأطلقه على المفرد مذكرًا في قوله: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (٤٢)}. وأطلقه على الجمع مؤنثًا في قوله:{وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ} وقوله: {مَوَاخِرَ} جمع ماخرة، وهو اسم فاعل، مخرت السفينة تمخر -بالفتح- وتمخر -بالضم- مخرًا ومخورًا: جرت في البحر تشق الماء مع صوت. وقيل: استقبلت الريح في جريتها. والأظهر في قوله:{وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} أنه معطوف على قوله: {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} ولعل هنا التعليل كما تقدم.