وأوضح تعالى هذا المعنى في قوله: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (١٣)} واللام في قوله: {لِيَحْمِلُوا} تتعلق بمحذوف دل المقام عليه، أي: قدرنا عليهم أن يقولوا في القرآن: أساطير الأولين، ليحملوا أوزارهم.
تنبيه
فإن قيل: ما وجه تحملهم بعض أوزار غيرهم المنصوص عليه بقوله: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} الآية، وقوله:{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} مع أن الله يقول: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ويقول جل وعلا: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} ويقول: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٤)} إلى غير ذلك من الآيات.
فالجواب -والله تعالى أعلم-: أن رؤساء الضلال وقادته تحملوا وزرين:
أحدهما: وزر ضلالهم في أنفسهم.
والثاني: وزر إضلالهم غيرهم؛ لأن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها، لا ينقص من ذلك من أوزارهم شيئًا، وإنما أخذ بعمل غيره؛ لأنه هو الذي سنه وتسبب فيه، فعوقب عليه من هذه الجهة؛ لأنه من فعله، فصار غير مناف لقوله:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ ... } الآية.
وقال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه: حدثني زهير