للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبين في مواضع أخر: أنهم ينكرون ما كانوا عليه من الكفرِ والمعاصي كما ذكر هنا، وبين كذبهم في ذلك أيضًا، كقوله: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤)} وقوله: {قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (٧٤)} وقوله: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (١٨)} وقوله: {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (٢٢)} أي: حرامًا محرمًا أن تمسونا بسوء؛ لأنا لم نفعل ما نستحق به ذلك، إلى غير ذلك من الآيات.

وقوله هنا: {بَلَى} تكذيب لهم في قولهم: {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ}.

تنبيه

لفظة "بلى" لا تأتي في اللغة العربية إلا لأحد معنيين لا ثالث لهما:

الأول: أن تأتي لإبطال نفي سابق في الكلام، فهي نقيضة "لا"؛ لأن "لا" لنفي الإثبات، و"بلى" لنفي النفي؛ كقوله هنا: {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} فهذا النفي نفته لفظة "بلى" أي: كنتم تعملون السوء من الكفر والمعاصي؛ وكقوله: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} وكقوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} وقوله: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} فإنه نفى هذا النفي بقوله جل وعلا: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} الآية، ومثل هذا كثير في القرآن وفي كلام العرب.