للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤)}. والبشارة عند الموت، وعند دخول الجنة من باب واحد؛ لأنها بشارة بالخير بعد الانتقال إلى الآخرة. ويفهم من صفات هؤلاء الذين تتوفاهم الملائكة طيبين ويقولون لهم: سلام عليكم أدخلوا الجنة -أن الذين لم يتصفوا بالتقوي لم تتوفهم الملائكة على تلك الحال الكريمة، ولم تسلم عليهم، ولم تبشرهم.

وقد بين تعالى هذا المفهوم في مواضع أخر، كقوله: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ} الآية، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ -إلى قوله- وَسَاءَتْ مَصِيرًا (٩٧) وقوله: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ .. } الآية، إلى غير ذلك من الآيات.

وقوله: {تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} وقوله: {تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ} قرأهما عامة القراء غير حمزة: {تَتَوَفَّاهُمُ} بتاءين فوقيتين. وقرأ حمزة "يتوفاهم" بالياء في الموضعين.

تنبيه

أسند هنا جل وعلا التوفي للملائكة في قوله: {تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} وأسنده في "السجدة" لملك الموت في قوله: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ} وأسنده في "الزمر" إلى نفسه جل وعلا في قوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} الآية. وقد بينا في كتابنا [دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب] في سورة "السجدة": أنه لا معارضة بين الآيات المذكورة، فإسناده التوفي لنفسه؛ لأنه لا يموت أحد إلا بمشيئته تعالى، كما قال: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ