وهي على هذه القراءة فيمن سبقت لهم الشقاوة في علم الله؛ لأن غيرهم قد يكون ضالًا ثم يهديه الله كما هو معروف.
وقال بعض العلماء: لا يهدي من يضل ما دام في إضلاله له، فإن رفع الله عنه الضلالة وهداه فلا مانع من هداه، والعلم عند الله تعالى.
• قوله تعالي {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا} ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكفار حلفوا جهد أيمانهم -أي: اجتهدوا في الحلف- وغلظوا الأيمان علي أن الله لا يبعث من يموت، وكذبهم الله جل وعلا في ذلك بقوله:{بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا} وكرر في آيات كثيرة هذا المعني المذكور هنا من إنكارهم للبعث وتكذيبه لهم في ذلك، كقوله:{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} الآية، وقوله: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (١٠٤)} وقوله: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩)} وقوله: {فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} والآيات بمثل هذا كثيرة جدًا.
وقوله:{بَلَى} نفي لنفيهم البعث كما قدمنا، وقوله:{وَعْدًا} مصدر مؤكد لما دلت عليه {بَلَى}؛ لأن {بَلَى} تدل علي نفي قولهم: لا يبعث الله من يموت، ونفي هذا النفي إثبات، معناه: لتبعثن، وهذا البعث المدلول علي إثباته بلفظة {بَلَى} فيه معني وعد الله بأنه سيكون، فقوله:{وَعْدًا} مؤكد له، وقوله:{حَقًّا} مصدر أيضًا، أي: وعد الله بذلك وعدًا، وحقه حقا، وهو