وروى الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في كتاب (دلائل النبوة) من طريق محمد بن عمر الواقدي: حدثني مالك بن أبي الرجال، عن عمر بن عبد الله، عن محمد بن كعب القرظي قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دحية بن خليفة إلى قيصر .. فذكر وروده عليه وقدومه إليه، وفي السياق دلالة عظيمة على وفور عقل هرقل، ثم استدعى من بالشام من التجار فجيء بأبي سفيان صخر بن حرب وأصحابه، فسألهم عن تلك المسائل المشهورة التي رواها البخاري ومسلم كما سيأتي بيانه. وجعل أبو سفيان يجتهد أن يحقر أمره ويصغره عنده، قال في هذا السياق عن أبي سفيان: والله ما منعني من أن أقول عليه قولًا أسقطه به من عينه إلا أني أكره أن أكذب عنده كذبة يأخذها على ولا يصدقني في شيء. قال: حتى ذكرت قوله ليلة أسري به، قال: فقلت: أيها الملك، ألا أخبرك خبرًا تعرف به أنه قد كذب. قال: وما هو؟ قال: قلت: إنه يزعم لنا أنه خرج من أرضنا أرض الحرم في ليلة، فجاء مسجدكم هذا مسجد إيلياء، ورجع إلينا تلك الليلة قبل الصباح. قال: وبطريق إيلياء عند رأس قيصر، فقال بطريق إيلياء: قد علمت تلك الليلة.
قال: فنظر إليه قيصر وقال: وما علمك بهذا؟ قال: إني كنت لا أنام ليلة حتى أغلق أبواب المسجد؛ فلما كانت تلك الليلة أغلقت الأبواب كلها غير باب واحد غلبني، فاستعنت عليه بعمالي ومن يحضرني كلهم فغلبنا، فلم نستطع أن نحركه كأنما نزاول به جبلًا، فدعوت إليه النجاجرة فنظروا إليه فقالوا: إن هذا الباب سقط عليه النجاف والبنيان ولا نستطيع أن نحركه، حتى نصبح فننظر من أين أتى! قال: فرجعت وتركت البابين مفتوحين. فلما أصبحت