واختلف العلماء في النكتة البلاغية التي نكر من أجلها {لَيْلًا} في هذه الآية الكريمة.
قال الزمخشري في الكشاف: أراد بقوله: {لَيْلًا} بلفظ التنكير تقليل مدة الإسراء، وأنه أسري به في بعض الليل من مكة إلى الشام مسيرة أربعين ليلة. وذلك أن التنكير فيه قد دل على معنى البعضية، ويشهد لذلك قراءة عبد الله وحذيفة "من الليل" أي: بعض الليل، كقوله:{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً} يعني بالقيام في بعض الليل اهـ. واعترض بعض أهل العلم هذا. وذكر بعضهم: أن التنكير في قوله: {لَيْلًا} للتعظيم؛ أي: ليلًا أي ليل، دنا فيه المحب إلى المحبوب! وقيل فيه غير ذلك. وقد قدمنا: أن أسرى وسرى لغتان. كسقى وأسقى، وقد جمعهما قول حسان رضي الله عنه:
حي النضيرة ربة الخدر ... أسرت إليك ولم تكن تسري
بفتح التاء من "تسري" والباء في اللغتين للتعدية، كالباء في:{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} وقد تقدمت شواهد هذا في (سورة هود).
تنبيه
اختلف العلماء: هل رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربه ليلة الإسراء بعين رأسه أو لا؟ فقال ابن عباس وغيره: رآه بعين رأسه، وقالت عائشة وغيرها: لم يره. وهو خلاف مشهور بين أهل العلم معروف.