قال الإمام أبو عبد الله المازري رحمه الله: الضمير في "أراه" عائد إلى الله سبحانه وتعالى، ومعناه: أن النور منعني من الرؤية، كما جرت العادة بإغشاء الأنوار الأبصار، ومنعها من إدراك ما حالت بين الرائي وبينه:
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "رأيت نورًا" معناه: رأيت النور فحسب ولم أر غيره. قال: وروى "نوراني" بفتح الراء وكسر النون وتشديد الياء. ويحتمل أن يكون معناه راجعًا إلى ما قلناه، أي: خالق النور المانع من رؤيته، فيكون من صفات الأفعال.
قال القاضي عياض رحمه الله: هذه الرواية لم تقع إلينا! ولا رأيناها في شيء من الأصول اهـ محل الغرض من كلام النووي.
قال مقيده -عفا الله عنه-: التحقيق الذي لا شك فيه هو: أن معنى الحديث هو ما ذكر، من كونه لا يتمكن أحد من رؤيته لقوة النور الذي هو حجابه.
ومن أصرح الأدلة على ذلك أيضًا حديث أبي موسى المتفق عليه "حجابه النور، أو النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه" وهذا هو معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "نور! أنى أراه"؟، أي: كيف أراه وحجابه نور، من صفته أنه لو كشفه لأحرق ما انتهى إليه بصره من خلقه.
وقد قدمنا: أن تحقيق المقام في رؤية الله جل وعلا بالأبصار: أنها جائزة عقلًا في الدنيا والآخرة، بدليل قول موسى:{رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} لأنه لا يجهل المستحيل في حقه جل وعلا، وأنها