فبين أن الذين حملهم مع نوح: هم أهله ومن آمن معه من قومه في قوله: {قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ} وبين أن الذين آمنوا من قومه قليل بقوله: {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (٤٠)}.
وبين أن ممن سبق عليه القول من أهله بالشقاء امرأته وابنه. قال في امرأته:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ} إلى قوله {وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠)} وقال في ابنه: {وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (٤٣)} وقال فيه أيضًا: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} الآية. وقوله:{لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} أي: الموعود بنجاتهم في قوله: {فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ} الآية، ونحوها من الآيات.
وبين أن الذي حملهم فيه هو السفينة في قوله:{قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا .. } الآية، أي: السفينة، وقوله:{فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ .. } الآية، أي: أدخل فيها، أي: السفينة {مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ}.
وبين أن ذرية من حمل مع نوح لم يبق منها إلا ذرية نوح في قوله: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (٧٧)} وكان نوح يحمد الله على طعامه وشرابه، ولباسه وشأنه كله، فسماه الله عبدًا شكورًا.
وأظهر أوجه الإعراب في قوله:{ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا} الآية: أنه منادى بحرف محذوف.