للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك يذهب إثارة غرائز الرجال؛ لأن كثرة الإمساس تذهب الإحساس. كلام في غاية السقوط والخسة؛ لأن معناه: إشباع الرغبة مما لا يجوز، حتى يزول الأرب بكثرة مزاولته، وهذا كما ترى، ولأن الدوام لا يذهب إثارة الغريزة باتفاق العقلاء؛ لأن الرجل يمكث مع امرأته سنين كثيرة حتى تلد أولادهما، ولا تزال ملامسته لها، ورؤيته لبعض جسمها تثير غريزته، كما هو مشاهد لا ينكره إلا مكابر:

لقد أسمعت لو ناديت حيًّا ... ولكن لا حياة لمن تنادي

وقد أمر رب السموات والأرض، خالق هذا الكون ومدبر شئونه، العالم بخفايا أموره، وبكل ما كان وما سيكون بغض البصر عما لا يحل، قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ .. } الآية.

ونهى المرأة أن تضرب برجلها لتسمع الرجال صوت خلخالها في قوله: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} ونهاهن عن لين الكلام لئلا يطمع أهل الخنى فيهن، قال تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (٣٢)} وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق المقام في مسألة الحجاب في (سورة الأحزاب) كما قدمنا الوعد بذلك في ترجمة هذا الكتاب المبارك.

ومن هدي القرآن للتي هي أقوم: ملك الرقيق المعبر عنه القرآن بملك اليمين فى آيات كثيرة، كقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥)