فانظر كيف خيلوا لهم أن الربط بين الملزوم ولازمه، كالتنافي الذي بين النقيضين والضدين، وأطاعوهم في ذلك لسذاجتهم وجهلهم وعمى بصائرهم، فهم ما تَقوّلوا على الدين الإسلامي ورموه بما هو منه برئ إلا لينفروا منه ضعاف العقول ممن ينتمي للإسلام؛ ليمكنهم الاستيلاء عليهم؛ لأنهم لو عرفوا الدين حقًا واتبعوه لفعلوا بهم ما فعل أسلافهم بأسلافهم، فالدين هو هو وصلته بالله هي هي، ولكن المنتسبين إليه في جل أقطار الدنيا تنكروا له، ونظروا إليه بعين المقت والازدراء؛ فجعلهم الله أرقاء للكفرة الفجرة؛ ولو راجعوا دينهم لرجع لهم عزهم ومجدهم، وقادوا جميع أهل الأرض. وهذا مما لا شك فيه:{ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ}.
ومن هدي القرآن للتي هي أقوم: بيانه أن كل من اتبع تشريعًا غير التشريع الذي جاء به سيد ولد آدم محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه فاتباعه لذلك التشريع المخالف كفر بواح، مخرج من الملة الإسلامية. ولما قال الكفار للنبي - صلى الله عليه وسلم -. الشاة تصبح ميتة من قتلها؟ فقال لهم:"الله قتلها" فقالوا له: ما ذبحتم بأيديكم حلال، وما ذبحه الله بيده الكريمة تقولون: إنه حرام! فأنتم إذن أحسن من الله!؟ = أنزل الله فيهم قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (١٢١)} وحذف الفاء من قوله: {إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (١٢١)} يدل على قسم محذوف على حد قوله في الخلاصة:
واحذف لدى اجتماع شرط وقسم ... جواب ما أخرت فهو ملتزم