ويوضح ما دلت عليه هذه الآيات المذكورة وأمثالها في القرآن العظيم من أن الله جل وعلا لا يعذب أحدًا إلا بعد الإنذار والإعذار على ألسنة الرسل عليهم الصلاة والسلام = تصريحه جل وعلا في آيات كثيرة: بأنه لم يدخل أحد النار إلا بعد الإعذار والإنذار على ألسنة الرسل؛ فمن ذلك قوله جل وعلا: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} الآية.
ومعلوم أن قوله جل وعلا:{كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ} يعم جميع الأفواج الملقين في النار.
قال أبو حيان في "البحر المحيط" في تفسير هذه الآية التي نحن بصددها ما نصه: و{كُلَّمَا} تدل على عموم أزمان الإلقاء فتعم الملقين؛ ومن ذلك قوله جل وعلا: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (٧١)} وقوله في هذه الآية: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا} عام لجميع الكفار.
وقد تقرر في الأصول: أن الموصولات كالذي والتي وفروعهما من صيغ العموم؛ لعمومها في كل ما تشمله صلاتها، وعقده في