قال مقيده -عفا الله عنه-: هذا الحصر في الثلاث المذكورة في حديث ابن مسعود الثابت في الصحيح لا ينبغي أن يزاد عليه، إلا ما ثبت بوحي ثبوتًا لا مطعن فيه، لقوته. والعلم عند الله تعالى.
المسألة الثانية: قد جاءت آيات أخر تدل على أن المقتول خطأ لا يدخل في هذا الحكم، كقوله:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} وقوله: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا .. } الآية، لما ثبت في صحيح مسلم من حديث ابن عباس وأبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قرأها، قال الله: نعم قد فعلت. وقوله:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} ثم بين ما يلزم القاتل خطأ بقوله: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا .. } الآية. وقد بين - صلى الله عليه وسلم - الدية قدرًا وجنسًا كما هو معلوم في كتب الحديث والفقه كما سيأتي إيضاحه.
المسألة الثالثة: يفهم من إطلاق قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا} أن حكم الآية يستوي فيه القتل بمحدد كالسلاح، وبغير محدد كرضخ الرألس بحجر ونحو ذلك؛ لأن الجميع يصدق عليه اسم القتل ظلمًا فيجب القصاص. وهذا قول جمهور العلماء، منهم مالك، والشافعي، وأحمد في أصح الروايتين.
وقال النووي في "شرح مسلم": هو مذهب جماهير العلماء.
وخالف في هذه المسألة الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى فقال: لا يجب القصاص إلا في القتل بالمحدد خاصة، سواء كان من حديد، أو حجر، أو خشب، أو فيما كان معروفًا بقتل الناس